The Policy Initiative

  • eng
    • share
  • subscribe to our mailing list
    By subscribing to our mailing list you will be kept in the know of all our projects, activities and resources
    Thank you for subscribing to our mailing list.
07.21.23

بيان مشترك حول تقرير المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي

في ٢٩ حزيران ٢٠٢٣، نشر صندوق النقد الدولي تقريره الأول عن لبنان بموجب المادة الرابعة منذ بداية الأزمة المالية في عام ٢٠١٩. ويعرض التقرير تقييماً متعمقاً لحالة الاقتصاد الكلي للبنان مشدداً، مرة أخرى، على الحاجة الملحة إلى الإصلاح. ويسلط التقرير الضوء بوضوح على ثمن الوضع الراهن الذي زاد حجم الخسائر في القطاع المصرفي، وفقاً لتقديرات الصندوق، بما مقدراه ١٠ مليارات دولار منذ آذار ٢٠٢٠. ويرسم التقرير مسار الإصلاح الذي يؤدي إلى استقرار الاقتصاد اللبناني. وتتوافق المبادئ التي تحدد المادة الرابعة ونهجها إزاء معالجة الأزمة الحالية مع إطار التثبيت الاقتصادي العادل الذي اعتمدته الحكومة اللبنانية في خطة التعافي الأولى التي أقرتها في نيسان ٢٠٢٠ والاتفاق على مستوى الخبراء الذي أبرمته في نيسان ٢٠٢٢. 

وبناءً على نتائج المادة الرابعة، والتي نوافق عليها بشكل عام، ينبغي تسليط الضوء على النقاط التالية لإرشاد صندوق النقد الدولي في تعاطيه المستقبلي مع لبنان ولإبلاغ الأطراف اللبنانية المعنية

تحليل الاقتصاد السياسي لصندوق النقد الدولي يخطئ في افتراضه أن غياب الإصلاحات هو نتيجة تشاحن سياسي بين الأحزاب السياسية اللبنانية. ففي الواقع، يشير التقرير إلى أن غياب الإصلاحات يعزى إلى تفكك في مجلس النواب، وعدم وجود حكومة فعالة، والفراغ الرئاسي

ولكن النخب السياسية اللبنانية والأحزاب التابعة لها تتخذ موقفاً موحداً في وجه إصلاحات الاستقرار منذ بداية الأزمة. فالأحزاب الحاكمة أقدمت على تخريب مقصود للإصلاحات التي اقترحتها حكومة حسان دياب في نيسان ٢٠٢٠ من خلال استخدامهم للجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي مثلت الأحزاب السياسية الكبرى كافة

وتصدي الطبقة السياسية للإصلاح ليس ظاهرة جديدة، بل هو موثّق بشكل جيد نظراً إلى سجلهم المذري على مدى ٢٠ عاماً في تنفيذ الإصلاحات المقترحة في مؤتمرات باريس ١ وباريس ٢ وباريس ٣ وسيدر، ومؤخراً في إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار

ورغم أن الأحزاب الحاكمة ترفض قطعاً الإصلاحات من أجل حماية مصالحها، فقد رسمت صورة مزيّفة للمجتمع الدولي عن سعيها لتطبيقها. وطلبت من نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ترؤس المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بعد أن جرّدته من أي صلاحية أو قدرة تمكنه من تنفيذ أي تغيير في السياسات المتبعة وهي بذلك تكون قد حضّرته للفشل في مهمته. 

توقعات الصندوق "للوضع القائم" لا تتنبّأ بمستقبل كارثي، بل تصف واقعاً يعيشه البلد حالياً يأخذ شكلاً جديداً من "التوازن " المريع. فالصندوق يفترض أن المؤشرات الاقتصادية انهارت في سياق اقتصاد محافظ على طبيعته وبنيته اللتين كانتا سائدتين في مرحلة ما قبل عام ٢٠١٩

واقع الاقتصاد اللبناني الحالي مختلف اختلافاً جوهرياً عما كان عليه قبل الأزمة. فنموذج الأزمة الراهنة المنفصل عن القطاع المالي، تتأتى عنه اختلالات شديدة للغاية في السوق، في القطاع الخاص وفي سوق العمل على حد سواء. وحققت الشركات المثقلة بالديون أرباحاً من خلال إعادة تسديدها للديون بأسعار صرف مؤاتيه، مما أدى إلى اضمحلال المنافسة (يقدر الصندوق أن هذه القروض "المدعومة" تبلغ ١٥ مليار دولار)

وتماشياً مع مواطن الخلل هذه، يزداد الطابع غير النظامي وغير الرسمي لسوق العمل، مبدداً الخطوط التقليدية الفاصلة بين القطاعات، حيث إن عمال القطاعين العام والخاص الرسميين مرغمون على البحث عن فرص في القطاعات غير الرسمية لتأمين دخل كافٍ للعيش، مما يؤدي إلى نشأة وتمدّد اقتصاد الظلّ

وأدت الدولرة القائمة بحكم الواقع إلى وجود شعور زائف بالاستقرار محصور بأصحاب المداخيل العالية بالدولار وإلى تفاقم فقدان الثقة بالعملة المحلية الذي من شأنه أن يعيق الإصلاح النقدي في المستقبل

مناقشات صندوق النقد الدولي بشأن السياسيات لا تتطرق إلى المشاكل الحرجة على مستويي المساواة والرعاية الاجتماعية. ففي حين أن الخطة التي يصفها الصندوق بأنها خطة ضبط مالي هي في الواقع توسع مالي نظراً إلى مستويات الإنفاق العام الحالية، ينبغي أن تسعى سياسات الإيرادات والنفقات إلى تحقيق أهداف طموحة على صعيدي المسائل الاجتماعية والمساواة

أولاً، رغم أن النهج المعتمد من الصندوق إزاء الإصلاح الضريبي يتطرق إلى مخاوف متعلقة بإعادة التوزيع المستقبلي، فهو لا يسعى إلى معالجة مسألة عدم المساواة المتجذرة منذ زمن والتي نشأت بسبب النتائج الاقتصادية في مرحلة ما قبل الأزمة أو النتائج التي ظهرت بفعل الأزمة بعد استغلال المحظيّين فرص الربح غير المشروعة والغير أخلاقية. وسيؤدي غض النظر عن هذه المخاوف بشأن انعدام المساواة التي أوجدت مستويات مستفحلة من الثروة وتركز المداخيل إلى تبديد إمكانيات النمو العادل

وبالإضافة إلى ذلك، النهج الذي يتبعه الصندوق إزاء الإنفاق الاجتماعي مقيّد ببرنامج المساعدات الاجتماعية الموجهة التي تعاني من استثناءات كبيرة عوضاً عن التركيز على الحاجة إلى برامج التأمينات الاجتماعية وزيادة الدعم المقدم لعدة فئات اجتماعية، وهو ما يولّد أثراً اجتماعياً واسع النطاق

إعادة إحياء مؤسسات الدولة، وبذلك، تفعيل دورها على مستوى المساءلة خطوة أساسية في عملية بسط الاستقرار لكنها لا تحظى بقدر عالٍ من الأهمية. فتقديرات الصندوق التي تشير إلى بلوغ حجم الخسائر ١٠ مليارات دولار تشكل دليلاً إضافياً واضحاً على التواطؤ المدمر والشنيع للطبقة الحاكمة، والمجلس المركزي لمصرف لبنان، ولجنة المال والموازنة النيابية، وجمعية المصارف لتحميل المجتمع عبء الخسائر في القطاع المالي. وبناء عليه، ينبغي أن تكون المساءلة حجر الأساسية لعملية الاستقرار وأن تؤدي دوراً محورياً في إعادة هيكلة القطاع المصرفي التي تبدأ من إصلاح السرية المصرفية بشكل فعلي وضمان استقلالية القضاء. 

نحثّ صندوق النقد الدولي على مواصلة السهر على تفادي طمس الإصلاحات وضمان اعتماد القوانين اللازمة وإنفاذها بشكل مناسب. وينبغي للصندوق أيضاً ترسيخ مبدأي المساواة والمساءلة بوصفهما ركيزتين أساسيتين في معالجة الخسائر في القطاع المالي. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي له أن يواصل توسيع نطاق مشاوراته مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وجهات فاعلة أخرى، نظراً إلى تصدي الأحزاب السياسية للإصلاحات ضمن المؤسسات السياسية الرسمية. 

وإضافة إلى ما تقدم، ينبغي على الجهات المانحة العمل على تعزيز المؤسسات العامة بوصفها الأطراف الحليفة الأساسية في وجه قبضة النخب السياسية على مفاصل الدولة عوضاً عن تفادي التعامل معها لتنفيذ خططها وبرامجها في لبنان. فاستعادة وظائف الدولة وتفعيل المسائلة في النظامين القضائيين الأجنبي والمحلي سيؤديان دوراً محورياً في تحقيق التغيير المنشود. 

وينبغي للجهات الفاعلة الإصلاحية المحلية، منها أطراف المجتمع المدني والمنظمات السياسية والنقابات والمواطنون والمواطنات، أن تولد وتدعم أصواتاً محلية مناهضة للوضع الراهن وأن تعمل من أجل وضع خطة داخلية مشتركة تحدد السرديات والأولويات الصحيحة لصالح مستقبل البلد. 

 

 
            

More periodicals

view all
Search
Back to top