The Policy Initiative

  • eng
    • share
  • subscribe to our mailing list
    By subscribing to our mailing list you will be kept in the know of all our projects, activities and resources
    Thank you for subscribing to our mailing list.
09.27.23

هل يستطيع لبنان تصدير القنب للاستخدامات الطبية؟

جمال ابراهيم حيدر,
حسين زعيتر,
سالم درويش

يلاقي بيع واستهلاك مادة القنب قبولاً متزايداً عالمياً، في ضوء ارتفاع وتيرة الأبحاث التي تُجرى حول استخداماته الطبية. وتشير التوقعات إلى أن إيرادات سوق القنب الطبي عالمياً ستصل إلى 12.92 مليار دولار أمريكي خلال عام 2023، ومن المتوقع أن تحقّق نمواً سنوياً بنسبة 13.16% لتبلغ 23.97 مليار دولار بحلول عام 2028. وإضافة إلى ذلك، فقد أعدّت كلٌّ من كولومبيا وكوستاريكا وماليزيا والمغرب وتايلاند وأوكرانيا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي أُطراً تنظيمية ترعى تصنيع مشتقات القنب والترخيص باستيرادها وتصديرها. وكما أشرنا سابقاً، فإنه ينبغي أن نؤيد الغاية من تصدير لبنان للقنب للاستخدامات الطبية والصيدلانية، على الرغم من المعتقدات المغلوطة السائدة حول قطاع القنب غير الرسمي في البلاد، وأن نحدد الإجراءات المطلوبة لإنشاء قطاع رسمي للقنب وحشد التأييد اللازم على امتداد سلسلة قيمة زراعة هذه النبتة وتصديرها. ومن هذه التحديات المتطلبات التي تفرضها الدول المستورِدة وقدرة لبنان على تلبيتها.
 

تتباين الأطر التنظيمية المعتمدة للموافقة على استيراد القنب في المجال الطبي من بلد لآخر، مع وجود بعض الأوجه المشتركة بين الدول المتقدمة المستورِدة التي يمكن للسلطات اللبنانية والجهات (الرسمية) المعنية بالتصدير الاستعداد للامتثال لها. يجب أن يحرص لبنان، كخطوة أولى، على أن تجري زراعة القنب المعدّ للاستخدامات الطبية تحت إشراف الدولة، عملاً بأحكام المادتَين 23 و28 من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات التي أبرمتها الأمم المتحدة عام 1961. ويجب أيضاً تقديم أدلة تثبت اتخاذ الإجراءات الملائمة لمنع إساءة استخدام نبات القنب وتهريبه بصورة غير شرعية. فقد أصدر لبنان عام 1964 قانوناً يؤكد على التزامه بتلك الاتفاقية وينصّ على حصر الزراعة المشروعة للقنب للأغراض الطبية بالجهات المرخّصة من الحكومة اللبنانية. ومع ذلك، وبصرف النظر عن أنّ المزارعين اللبنانيين يزرعون القنب منذ 100 عام على الأقل، فإن الدولة لم تصدر حتى الآن أي ترخيص رسمي بزراعته، علماً أنّ مثل هذه التراخيص كانت لتسمح للحكومة اللبنانية بتقييد كمية القنب التي تتم زراعتها وتصنيعها،1 وبالتالي بتلبية مطلب أساسي يتمثل بالحدّ من تراكم كميات هذه المادة المخدرة واستخدامها لأغراض غير مشروعة.2

كما سيتوجب على لبنان التقيّد بالدلائل الإرشادية حول ممارسات الزراعة والحصاد الجيدة (GACP) لضمان زراعة القنب وإنتاجه بجودة عالية وثابتة. وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية هذه الدلائل عام 2003 بهدف تحسين جودة النباتات المستخدمة للأغراض الطبية والمُباعة في السوق التجارية. من جهة أخرى، تؤثر عملية إنتاج القنب ومشتقاته للأغراض الطبية ومعالجته الأولية تأثيراً مباشراً على الجودة النهائية للمكونات الصيدلانية الفعّالة وإنتاجها. وبالتالي، فقد تشكل إجراءات المعالجة الأولية الخطوة الأولى في عملية ضمان الجودة، والتي تُعدّ أساسية للامتثال للدلائل الإرشادية المذكورة.3

بعد إرساء الإطارَين القانوني والتنظيمي وإطار ضمان الجودة، سيتعيّن على لبنان إقامة علاقات رسمية مع الشركات الخارجية المستورِدة التي تملك علاقات مهنية راسخة ومواقع مرخّصة تتّبع ممارسات التصنيع الجيدة (GMP) والتي يمكنها أن تتولى معالجة أزهار القنب التي يتم حصادها في لبنان. وتشمل شهادة ممارسات التصنيع الجيدة معايير الجودة، مثل الاختبارات وعمليات المراقبة أثناء التصنيع، والتخزين والتوزيع، والمصادقة، وقياس جودة المنتج النهائي، بما في ذلك دقة محتويات القنب والتطابق بين الدفعات.

وبالإضافة إلى ذلك، يتطلب تصدير مشتقات القنب للاستخدامات الطبية إلى دول الاتحاد الأوروبي، والذي قد يشكّل سوقاً كبيرة للقنب اللبناني، «تأكيداً خطياً» صادراً عن السلطات اللبنانية يفيد بأنّ المنشآت التي تجري فيها زراعة القنب وتصنيعه تخضع لضوابط ثابتة وصارمة وشفافة، وتطبق ممارسات التصنيع الجيدة بفعالية، بما فيها عمليات التفتيش المتكررة والمفاجئة. ويفرض هذا المطلب اتّباع معايير للصحة العامة تعادل تلك المتّبعة في دول الاتحاد الأوروبي، ويُلزم السلطات اللبنانية بإشعار الجهات الأوروبية المختصة على الفور في حال عدم الامتثال لهذه المعايير.

من الواضح أنّ لبنان لا يزال قادراً على الاستفادة من مكانته في سوق القنب الطبي، من خلال إعداد الأطر التنظيمية والبنية التحتية اللازمة لتصديره. وأما إن اختارت الدولة إصدار التراخيص لزراعة وتصنيع القنب من دون إرساء مثل هذه الأطر الضرورية لدخول الأسواق الأجنبية، فسيبقى مصدر مهم للدخل بالعملات الأجنبية - وإن كان مبالغاً في تقديره في معظم الأحيان - غير مستغلّ. ولذلك، فإنه لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة في أقرب وقت ممكن لا لتفادي مثل هذه العواقب فحسب، بل أيضاً لتعزيز سلطة الدولة على قطاع القنب غير الرسمي الذي تهيمن عليه مصالح الجريمة المنظمة.


1. قد تُعتبر القيود المفروضة على السوق غير مشجِّعة على دخول القطاع الرسمي، ما يعني أنّ التراخيص لن تؤدي بالضرورة، أو على الأرجح، إلى إضفاء الطابع الرسمي على قطاع زراعة القنب في لبنان.

2. تنصّ المادة 49 من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات: «يلغى وجوباً استعمال القنب في الأغراض غير الطبية أو العلمية، في أقصر وقت ممكن، على أن يتم ذلك بأي حالة في غضون 25 سنة من نفاذ هذه الاتفاقية (...)».

3. تشمل الدلائل الإرشادية حول ممارسات الزراعة والحصاد الجيدة متطلبات تتعلق بضمان الجودة؛ والموظفين المعنيين ومؤهلاتهم؛ وتدابير النظافة الضرورية؛ والمباني والمقرات المستخدمة للتجفيف؛ والمعالجة الأولية للمواد النباتية وتخزينها؛ والمعدات والآلات الواجب استخدامها؛ وعمليات التوثيق؛ وإنتاج البذور؛ والعُقَل؛ وغيرها من المواد المشتقة من القنب لأغراض إكثار هذه النبتة؛ والزراعة والحصاد (زراعة القنب الطبي)؛ والتغليف والنقل والتوزيع.

More periodicals

view all
Search
Back to top