The Policy Initiative

  • eng
    • share
  • subscribe to our mailing list
    By subscribing to our mailing list you will be kept in the know of all our projects, activities and resources
    Thank you for subscribing to our mailing list.
03.26.22

كيف يمكن للشفافية على المستوى المحلي أن تكون أداة لاستعادة ثقة المواطنين

منير مهملات,
سامي عطا الله,
وسيم مكتبي,
سامي زغيب

يمنح نظام اللامركزية الحالي في لبنان السلطات المحلية فرصًا متعددة للاضطلاع بدور قيادي من ناحية تحسين الخدمات والبنى التحتية وتعزيز رفاه السكان. في الواقع، في ظلّ عدم قدرة المؤسسات الحكومية المركزية على توفير أدنى الخدمات الأساسية على المدى المنظور، قد تولّد الأزمة فرصًا للبلديات واتحادات البلديات لتأدية دورٍ أكبر وأكثر فعالية في عملية لانتعاش الاقتصادي.

ويشكّل إصلاح نظام الحوكمة المحلي شرطًا أساسيًا لإعادة بناء ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة. ومن شأن تحسين نظام الحوكمة في البلديات أن يؤثر بشكل فوري على حياة المواطنين، بما أنّ البلديات تعمل كنقطة وصل مباشرة مع المواطنين. وبما أنّ إصلاح إطار اللامركزية في لبنان لم يعد من أولويات السلطات في ظلّ الأحداث الراهنة، قامت منصة IMPACT، ألا وهي بوابة حكومية إلكترونية أطلقها التفتيش المركزي بالتشارك مع عدد من الوزارات والبلديات والقطاع الخاص، بتحويل نظام الحوكمة في البلديات عن طريق آلية رقمية لجمع البيانات من المؤسسات الحكومية ونشرها. ولعلّ التحلّي بالشفافية هي السمة التي تميّز هذا المسعى. 

منصة IMPACT: أحد محركات الشفافية

قام فريق IMPACT بإنشاء منصة إلكترونية لجعل عملية تبادل المعلومات بين المؤسسات الحكومية مركزية، وتمّ استخدام هذه المنصّة لتنسيق سياسات الاستجابة لعدة مسائل، على غرار حملة التلقيح ضدّ كوفيد-19، وتقديم الطلبات لبرامج المساعدة الاجتماعية مثل شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ وبرنامج دعم. أمّا على المستوى المحلي، فتسمح هذه الأداة للبلديات بمشاركة المعلومات المتعلقة بمسائل الحوكمة مع الأقران والحكومة المركزية والمواطنين. وبطلبٍ من التفتيش المركزي الذي يموّل هذه المبادرة، يتمّ جمع معلومات تغطّي مجالات متنوّعة، وتشمل مستوى التنمية المحلية، أو قرارات البلديات المنشورة، أو الدراسات الاستقصائية. بهذه الطريقة، تتيح هذه المنصة للبلديات التعلم من الأقران وتحسين التنسيق والأهم، تتيح للمواطنين فرصة رصد المسائل التي تحظى باهتمام بلدياتهم، كتسجيل العائلات الأكثر حاجةً أو تتبع حالات الإصابة بكوفيد-119.

قد يشكل تعزيز الشفافية عنصرًا رئيسيًا لتحسين الحوكمة على الصعيدين المحلي والمركزي، إذ يعتبر تعزيز الشفافية شرطًا لا بدّ من توفّره لضمان فعالية الرقابة التي يمارسها القضاء والمجتمع المدني على فروع الحكومة. وتتجسّد أهمية تلك التدخّلات في النجاح في دعم مخرجات السياسات، على غرار تنسيق حملة تلقيح فعالة ومنصفة على نطاق واسع. وفي ظلّ شحّ الموارد وضرورة استخدام الأموال بأكبر قدر ممكن من الكفاءة نظرًا للأزمة المالية، يمكن أن يستفيد المواطنون من مبادرات الشفافية هذه لتعزيز المساءلة وبالتالي، تسهيل عملية الإصلاح.

وتتمتّع الشفافية المعزّزة بالقدرة على التغيير بفضل عنصرٍ أساسيٍ مهمّ ألا وهو أنّ النخب السياسية تستمدّ جزءًا كبيرًا من سلطتها وشرعيتها من الحوكمة المحلية. في الواقع، تُعتبر هذه الأخيرة الركيزة الأساسية لاستحصال النخب على الموارد العامة، فيما يتطلب حصول بلدية ما على التمويل الحكومي قبولَ قدر معيّن من المحاباة بما يصبّ في مصلحة النخب. ففي السابق كانت الممارسات هذه، التي تربط مصير الحكومات المحلية بمصير النخب الحزبية، هي من عرقلت المبادرات الرامية إلى تعزيز شفافية الحكومات المحلية والمساءلة. فعلى سبيل المثال، لا يتمّ اعتماد النشر الرقمي لميزانيات الكثير من البلديات ما يمنع دافعو الضرائب الذين يموّلونها من التدقيق فيها. ولكنّ الشفافية هذه تُعتبر ضروريةً للتمكّن من الكشف عن حالات الفساد والتواطؤ، وللسماح للمواطنين بمساءلة السياسيين والنخب المحلية.

تضمّ منصة IMPACT، كونها المنصة الإلكترونية الأولى في لبنان، كمًا هائلًا من نقاط البيانات المتعلقة بالإدارات العامة التي من شأنها أن تقدّم لمحة أولية عن السلطات المحلية الرقمية والشفافة. وتحقيقًا لهذه الغاية، طوّرنا مؤشر الشفافية المؤسسية (ITI) الذي يقيس مستوى الشفافية في البلديات. ويعكس هذا المؤشر إلى أيّ مدى تقدم البلديات المعلومات المتعلقة بمسائل الحوكمة على منصة IMPACT، ويصنّفها بحسب درجة شفافيتها. ويعكس المؤشر الشفافية في ثلاثة أبعاد، ألا وهي: شمولية البيانات، وتكرار التفاعل، وتوزيع اهتماماتها، ويوفّر نظرة مهمة حول الطريقة التي تستفيد بها البلديات من المنصة لمعالجة المعلومات المتعلقة بطائفة واسعة من المسائل، وتقديمها ونشرها.

وفي التحليلات التي أجريناها بشأن ما يحفّز الشفافية في البلديات، وجدنا، للمرة الأولى، أنّ الانتماءات السياسية لا تضطلع إلّا بدور ثانوي. فالبلديات التي تتولّى إدارتها أحزاب سياسية، تتمتّع جميعها مع بعض الاستثناءات بالقدر نفسه من الشفافية. فلا يبدو أنّ هناك تحيّز يُذكر من جانب أيّ حزب بالنسبة لتقديم المعلومات للمواطنين. وعلى الرغم من أنّ قانون "حق الوصول إلى المعلومات" الصادر عن مجلس النواب في العام 2017، ومرسوم تنفيذه الصادر عن الحكومة في العام 2020، لا يزالان غير مطبقين بالقدر الكافي في الإدارات العامة، إلى أنّهما يظهران أنّ القادة السياسيين متفقون عمومًا، على ما يبدو، على أنّه لا ينبغي حجب المعلومات الأساسية المتعلقة بالحوكمة عن المواطنين إلى أجل غير مسمى.

وفي نهاية المطاف، يمكن أن تستحيل الشفافية وسيلة للاستقلال من تأثير النخبة، بهدف تحسين الحوكمة واستعادة ثقة المواطنين في الدولة. وبفضل إمكانية الاطلاع بحرية على أنشطة البلديات وقراراتها وميزانياتها المحتملة، سيصبح من الأسهل على المواطنين متابعة حالات الإهمال والمحاباة والفساد. وعندما يصبح المواطنون أكثر اطّلاعًا، ستضطر السلطات المحلية إلى الحد من تدخلات النخب الحزبية التي تلجأ إلى الاحتيال، وذلك حتى تتجنّب التعرّض لنكسة أثناء الانتخابات.


[1] وسيم مكتبي وسامي زغيب، وسامي عطالله، ومنير مهملات، 2021. "الحكومات المحلية والبيانات المفتوحة: كيف تفاعلت البلديات مع منصة IMPACT؟" مبادرة سياسات الغد (Local Governments and Open-Data: How Have Municipalities Interacted with the IMPACT Platform?”)؛ وسيم مكتبي، وسامي زغيب وسامي عطالله، ومنير مَهْملات.2021. "إعادة تنشيط القنوات الزبائنية: ما هي البلديات التي أساءت استخدام طلبات المساعدة؟" مبادرة سياسات الغد (The Policy Initiative). (Maktabi, W., S. Zoughaib, M. Mahmalat, and S. Atallah. 2021. “Reenergizing Clientelist Channels: Which Municipalities Abused Aid Forms?” The Policy Initiative

Related Output

view all

From the same author

view all

More periodicals

view all
Search
Back to top