The Policy Initiative

  • eng
    • share
  • subscribe to our mailing list
    By subscribing to our mailing list you will be kept in the know of all our projects, activities and resources
    Thank you for subscribing to our mailing list.
11.21.25

وصفة لتبييض المسؤوليات في مجال الصرف الصحّي: الخلل في الصرف الصحي نظاميّ أيضًا

نزار صاغية,
فادي إبراهيم

تحميل التّقرير

نشر ديوان المحاسبة في تاريخ 27/2/2025 تقريرًا خاصًّا حول إدارة منظومة الصرف الصحّيّ في لبنان. وقد صدر عن الغرفة الخاصّة المُنشأة داخل ديوان المحاسبة، والتي يترأّسها رئيس الديوان نفسه القاضي محمد بدران.

وبالواقع، تكتسي منظومة الصرف الصحّي والرقابة عليها أهميّة فائقة على أكثر من مستوى.

فهي تتّصل أوّلا بالخطوات المُتّخذة للحدّ من تلوّث المجاري والمسطّحات المائيّة في لبنان.

ومن جهة ثانية، تتصل الرقابة على منظومة الصرف الصحيّ بالتدقيق في الخطوات المتخذة في تحقيق معالجةٍ متكاملة للمياه.

ومن جهة ثالثة، وبفعل اعتماد منظومة الصرف الصحّي بشكل كبير على اتفاقيات قروض دولية بشروط ميسّرة عمومًا، فإنّ الرقابة عليها تشكّل في الوقت نفسه رقابةً على حسن استخدام الموارد المالية التي توفّرها هذه الاتفاقيّات. وما يجعل هذا الأمر أكثر إلحاحًا هو أن الإنفاق بلغ ما يقارب مليار و200 مليون د.أ من دون احتساب الفوائد المترتبة على القروض.

ومن جهة رابعة، تهدف هذه الرقابة إلى التحرّي عن مدى ملاءمة الهيكليّة الإداريّة اللبنانية المعتمدة في هذا المجال.

وعند الاطّلاع على فحوى التقرير الصّادر عن الغرفة الخاصّة، نجد أنّه يقتصر على معطيات عامّة وجزئيّة. وفيما كان يمكن التّعامل مع تقرير ديوان المحاسبة على أنّه أوليّ يمهّد لتقارير توضع لاحقًا تبعا لمزيد من التحقيقات، إلا أنّ الغرفة الخاصّة لم تقدّم عملها على أنه كذلك.

وقد زادت علامات الاستفهام حول هذا التقرير بعدما ذُهلنا عند اكتشافنا أن الجزء الأول منه، وهو الجزء المتّصل بأداء مجلس الإنماء والإعمار، منقولٌ بشكل شبه حرفيّ عن تقريرٍ سابق كانت نظّمته “شركة خاصة” (شركة آباف) بتكليف من النّائب العامّ التمييزيّ غسّان عويدات في 2020 في سياق تحقيق جزائيّ، وانتهى إلى التخفيف من مسؤولية مجلس الإنماء والإعمار بدرجة كبيرة.

ومن المهمّ بمكان أن نسجّل هنا أنّ الديوان فعل ذلك، حتى من دون أن يجريَ أيّ تدقيق في حيادية الشركة بل بعدما أعطاها أوصافًا غير حقيقيّة (كالقول أنّها فرنسية فيما أنها ليست كذلك)، وأنه لو فعل ذلك لكان اكتشف بسهولة جسامة الخطأ الذي وقع بمعيّة النيابة العامة التمييزية فيه، لعدم جواز الاعتماد إلى أيّ من خلاصاتها لثبوت حالة تضارب مصالح فاقع لديها. وهذا ما سنتوسّع به أدناه.  

وما زاد ذهولنا ذهولًا هو اكتشاف ثانٍ لا يقلّ خطورة ومدعاةً للاستهجان. إذ أن اقتداء الديوان بتقرير صادر عن شركة خاصّة لا يعرفها ولم يدقّق في هويتها وهي ترتبط مصالحها بشكلٍ كبير مع مجلس الإنماء والإعمار، تمّ في موازاة إهمال الخلاصات والتوصيّات التي توصل إليها عاملون لدى الديوان هم جزءٌ لا يتجزّأ من ملاكه منذ 30 سنة على الأقل.

وعلى ضوء ما تقدّم، كان من المهمّ أن نُعيد قراءة التقرير الخاص للدّيوان بشأن شبكات الصرف الصحي على ضوء المعطيات التي توفّرت لدينا، وتمهيدا لفهم الإشكالات الحقيقية التي أدّت إلى الفشل في مجال محطات معالجة الصرف الصحي. ولكن قبل القيام بذلك، تمنحنا هذه القضيّة إضاءاتٍ لا تقلّ أهميّة على عوامل الخلل في أعمال الرّقابة والمحاسبة، وهي عوامل يجدر التركيز عليها لكونها من أهم مسببات فشل هذه المحطات كما العديد من المرافق والمنشآت العامة.

تمّ تحرير هذا التقرير في إطار المشروع المشترك بين مبادرة سياسات الغد والمفكّرة القانونية بعنوان "المناخ والأرض والحقّ".


More periodicals

view all
Search
Back to top